يهتم هذا الكتاب بموضوعٍ محدد تم تناوله من عدة نواح، وهو موضوع الإرادة الفلسفي والإشكالي. يشدد المؤلف على أن الناحية التي اختارها لكتابه لم تحظ قط بدراسة مخصصة لها وحدها، بل أتى الحديث عنها ضمن موضوعات أخرى قريبة، من حيث المعنى أو الروح الفلسفي. فها هو يقدم إلينا موضوعه في منهجية واضحة وجهت أفكاره ومعلوماته بشكل تدريجي منظم.
بداية تناول الكاتب مفهوم الإرادة بصفته مبدأ فيزيائيا طبيعيا، مسلطا الضو...
more
يهتم هذا الكتاب بموضوعٍ محدد تم تناوله من عدة نواح، وهو موضوع الإرادة الفلسفي والإشكالي. يشدد المؤلف على أن الناحية التي اختارها لكتابه لم تحظ قط بدراسة مخصصة لها وحدها، بل أتى الحديث عنها ضمن موضوعات أخرى قريبة، من حيث المعنى أو الروح الفلسفي. فها هو يقدم إلينا موضوعه في منهجية واضحة وجهت أفكاره ومعلوماته بشكل تدريجي منظم.
بداية تناول الكاتب مفهوم الإرادة بصفته مبدأ فيزيائيا طبيعيا، مسلطا الضوء على الدلالات الكامنة بين مفهومي الطبيعة والإرادة، عبر مبادئ ثلاثة مشتركة بين العالمين الطبيعي والإرادي: مبادئ القوة والصورة والغاية. ثم عالج طبيعة الحركة الإرادية ومميزاتها؛ هل هي حركة طبيعية تلقائية أم حركة اختيارية؟ ومن الجدير ذكره أن لبعض الفلاسفة مثل ابن باجة وابن رشد وأرسطو قسطا كبيرا وأساسيا في هذه الدراسة. والكاتب يعول على نظرياتهم لمزيد من البرهان، ويظهر القاسم المشترك بينها أحيانا، ما يغني البحث أيما إغناء! وفي الباب الثاني يدرس الناحية السيكولوجية، أو الإرادة بصفتها مبدأ حيوانيا. وهنا يتوقف على مفهوم النفس وعلى أهميته لدى فلاسفة الإسلام، ويكشف بعدها عن وظيفة الإرادة السياسية والتدبيرية، إذ بواسطة الإرادة تقود النفس البدن وتدبر تحركاته. وهكذا يصل الكاتب إلى بابه الثالث لينتقل إلى الإرادة بوصفها مبدأ إنسانيا ومدنيا، بحيث إن مضمون النزوع، وهو مضمون حيواني وطبيعي، يكون تحت سيطرة العقل وسيادته. أما الأسلوب المعتمد في الدراسة فتحليلي خال من المبالغة في التأويل، لا يخرج مطلقا عن إطار النص أو عن السياق.